الإستحقاق والتفضل
استحق الثناء، او المكافأة، او اللوم، او العقوبة اي استوجبها، فمعنى الاستحقاق اذن حصول المرء على ما يجب له بحسب فعله ، تكون اجرا لعمل قام به فيقال أجره أو أجاره يعني ثمن جهده .
وللاستحقاق قيمة أخلاقية من جهة ما هو مصحوب بجهد ارادي يتغلّب به المرء على الصعوبات، والعوائق الخارجية، او الداخلية، المضادة للأخلاق. وهو يختلف عن الفضيلة، لأن الفضيلة قد تكون كمالا طبيعيا غير مصحوب بالجهد .
والاجر والإستحقاق والجزاء إما ان يكون دنيويا وله تفصيلاته وإما ان يكون اخرويا قيامه وقوامه دنيويا وأخرويا وهو الجزاء مدحا او ذما .
أما التفضل : وكانه العطاء دون استحقاق وليس هو مشروط بمقابل فيكون تمننا كتفضل الاب للابناء وتفضل الله للموجودات الحية بالحياة .
ؤهنا سؤال مفاده هل الانبياء نالوا النبوة بالإستحقاق ام بالتفضل . ثم تفضل على البشر بالانبياء ؟.
وهذا السؤال يعتصر معنى اخر عله يعالج السؤال الاول : وهو الإستعداد والقابلية . يعني
لماذا لا يكون كل البشر انبياء ؟، واين المانع ؟ .
من هنا يمكننا ان نقدم مثالا عن الإستعداد والقابلية بيم معدني الذهب مثلا والحديد لماذا لا يندمجان ونستخرج سبيكة بالرغ انهما من المعادن ؟ الجواب انهما غير متجانسين ولكن يمكن خلط الذهب بالنحاس فإنهما يقبلان بعضهما .
نعم هنا تكمن القابلية والإستعداد إن لدى المعدنين قابلية واستعداد للإندماج وفي نفس الوقت هنالك استعداد وقابلية لدى الطرفين ان ينفصلا . كذلك مسألة النبوة والإنسان من جهة إن للنبوة قابلية ان تقبل الإنسان وان للإنسان استعداد لتقبل النبوة ولكنه في نفس الوقت لدية الإستعداد لقبليات معاكسة ولكن النبوة ليس لديها قبلية او استعداد لتقبل ما يحجب عنها النبوة لانها بتكوينها نبوة اي النبي هو نبي تكويني ممتنع القابلية لما يخلف معنى النبوة ولكن الإنسان غير النبي يمتلك القبليات وأضادها فما فيه من القابليات العالية تجدها تتفاعل وتقبل مسألة النبوة بينما إذا تغلبت القابليات الدنيوية على اضادها تشكل مانع من قبول النبوة مثل هذه المعادلة غير موجودة في الإنسان النبي .
هل للوصي مثل النبي من حيث التفكر والإستعداد والقابلية .
نعم هي للوصي كما هي للنبي برغم ان القرءان الكريم يبين ان عملية اختيار الوصي والإمتحانات التي يمر بها والإبتلاءات والإختبارات تظهر بقوة كقوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾ البقرة .
اختبارات الوصي إضافة إلى أنه من نفس تكوين النبي أو الرسول ولكن من جهة الوظيفة أو التكليف كأن وظيفة الوصي تحتاج إلى اختبارات لاند دوره طويل الأمد والوصي هو ما يشد به ازر النبي اي ظهره وكأن كمال النبوة بالوصي لذلك لاحظ قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
استمرار حفظ الدين يكون بالوصي ومن هنا كانت الحاجة إلى اختبارات اقسى لاحظ في إبراهيم عليه السلام : ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾ البقرة
ولا يزال إبراهيم إما للناس وقد حاز المتصلين وقال ومن ذريتي فكانت في رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى يوم الدين .
عليه فالسؤال الاول : هل تنال النبوة بالإستحقاق أو بالتفضل فإن قلت بالإستحقاق لا بد من بيان هذا الإستحقاق وإذا قلت استحقاق لا نعرفه قد يكون في عوالم أخرى فهذا يحتاج إلى دليل وقد يدخلك في متاهات عقائدية .
وإن قلت بالافضل فالله متفضل على الوجود بوجوده فتساوي النبي بغيرة
إذا لو نظرنا من جهة الإستعداد والقبلية التموينية الانبياء والرسل والتوصياء إن الإستعدادات والنقابليات التكوينية لا قبيلة فيهم ولا استعداد للأفعال المخالف للإرادة الإلهية وذلك لحكمة منه تعالى قالت الملائكة : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾ البقرة . التعليم الحكيم اي بالعلم والحكمة كون الخليفة وخلقه واجعله النشأة التموينية مقيدة بالحكمة والعلم اي بعلمه وحكمة جعل تكوين انبياءه قابلة لكل خير مانعة لكل شر مع وجود القدرة والإمكانية المعصية ولكنها لا تحصل اي لا قابلية المعصية تكوينا .
الشيخ: محمد علي درويش